ما وراء الانتصار في مباراة الكرسي
تيفو رفع في مباراة مدريد وباريس |
تفاصيل معركة باريس وريال مدريد
هذه المباراة كانت وستبقى من المباريات الغريبة التي تعارك بها اتجاهين واضحين في عالم كرة القدم سيحكم أوروبا لاحقاً، القصة لم تبدأ مع القرعة والمباراة لم تكن في أرض الملعب بل كانت في مكتب فلورنتينو بيريز وطاولة الخليفي وتشيفرين، لم يكن التكتيك بين انشيلوتي وبوكتينهو فقط بل كان بين ثورة السوبرليغ ومشروع المال الذي يحكمه الخليفي وما وراءه من عصابات الويفا.
لا داعي للمبالغة والتكلم بالرومانسيات، على أرض الواقع كان هناك مشروع السوبرليغ بقيادة بيريز وقابله هجوم كاسح من اتحاد الخليفي وتشيفرين وصل حد أن يستلم الخليفي ذاته منصب في الويفا واعتباره مع باريس مهد كرة القدم الجديدة، جميعنا نتذكر الليلة الشهيرة وانقلاب أندية أوروبا على الويفا وكيف تبنى نادي باريس دور "الزعيم" الجديد وتصريح هيريرا الشهير بأن كرة القدم لا يجب أن تتعلق بالمال!.
لا أريد الحديث عن شرعية السوبرليغ من عدمها ف البعض ضدها والبعض معها، لكن كانت الكارثة الكبرى هو ارتداء ناصر الخليفي رداء السلام وهو ذاته المسبب في الحرب، أن يخرج ويتكلم عن كرة القدم المتساوية والنزيهة وهو صاحب نادي متهم بالتلاعب بقانون اللعب المالي النظيف وتجاوز سقف رواتبه حد السماء.
كانت الفكرة هي بخروج أفعى من وكرها وزحفها نحو عرين الأسد، لكن الأفعى لا تستطيع أن تكون أسد!
أصبح ريال مدريد مكروه أوروبياً واعتبرته جماهير أوروبا مضاد كرة قدم، مظاهرات جماهير تشيلسي ومانشستر وهجوم السوشيال ميديا عليه والكثير من الذكريات، بينما يوقع ناصر مع ميسي ودوناروما وحكيمي وراموس وفينالدوم وأوروبا تصفق لسيد الميركاتو ناصر الخليفي.
محاولة بيريز لشراء مبابي
فيما بعد حاول بيريز بكامل الاحترام والاحترافية شراء مبابي حتى وصل العرض في إحدى الليالي إلى 200 مليون يورو ل لاعب سينتهي عقده بعد شهور قليلة، ولم يكن الجواب من إدارة ناصر بـ "لا" لأن هذه الإدارة التي تحكم أوروبا لم تجب حتى على العرض!.
عرض استمر يوم ويومان وأسبوع ولا مجيب! يخرج ليوناردو ويتلاعب بكبرياء إدارة الريال بأبشع الألفاظ أمام وسائل الإعلام وتستمر قلة الاحترام تجاه بيريز وريال مدريد رغم شرعية تقديم العرض، حتى أنه يُقال أن العرض المقدم لم يتم الرد عليه حتى بعد نهاية الميركاتو!
وكانت السخرية واسعة عندما اعتبر مجتمع كرة القدم أن أبو غانم "أدّب" ريال مدريد.
جاءت القرعة وذهب الفريق إلى باريس وقبل بداية المباراة صرح الخليفي تصريح مر مرور الكرام "العلاقات بيننا وبين مدريد انتهت دون رجعة، عليهم أن يعرفوا أن كرة القدم للجميع"
كيف لعب ريال مدريد مباريات باريس
لعب ريال مدريد أمام فريق قيمته السوقية ربما فوق المليار وكانت الكرة للجميع فعلاً لكن لمن يملك أموال من هذا الجميع، وعاد النادي من باريس مثقلاً بهزيمة أهانت كبرياءه وتاريخه وستهين مستقبله لولا العودة.
ما يمكنني قوله حتى تصل الرسالة أن الفريق عاد بخسارة 1-0 فقط، إذاً لماذا يخرج بوتراغنينو بتصريح ناري بأن هذه المباراة لن يلعبها اللاعبين فقط، بل الإدارة وغرفة الملابس والجماهير؟ لماذا تم بيع التذاكر بنصف سعرها وبدأ الترويج الإعلامي لملئ البرنابيو؟ لماذا عاد التراس سور إلى الصورة بعد غياب زمن طويل؟
لماذا خرجت الجملة الأعظم في تاريخ النادي "90 دقيقة في البرنابيو طويلة جداً"؟
هل من أجل خسارة 1-0؟
خسر باريس لكنه لم يخسر التأهل فقط، بل خسر ناصر الخليفي للأبد، خسر مكانته ومصداقيته ومحاولته أن لا يكون مجرد سمسار لا يدري شيء عن كرة القدم، خسر مشروعه ونفاقه بأن كرة القدم الجميع، خسر الميركاتو الأشهر في التاريخ حسب أطفال اليوم وأصبح مجرد بلطجي يقتحم غرفة الحكام ويهدد الموظفين بالقتل.
لم تكن مجرد مباراة ويا الهي لهذه المفارقة بأن يحتفل الابا احتفاله العظيم مع عبارة ستتخلد في الذاكرة "لا تجلس على كرسينا"
نعم، لا أحد يجلس على كرسي الملك ومهد كرة القدم.
كانت ليلة الأمس من الليالي التي تكون منحدر من منحدرات الزمن والتاريخ، من هدف مبابي في الذهاب إلى الاستهزاء بالنادي إلى الترويج الإعلامي إلى أفضل استقبال جماهيري شهدته ساحات مدريد في تاريخها، إلى الحناجر التي صرخت في المدرجات إلى المعاناة بعد هدف مبابي ثم الريمونتادا التاريخية والجنون بعدها.
كانت ليلة اهتم بها القدر جيداً ورسم لها سيناريو لن يُنسى.
الليلة التي دهس بها الأسد الأفعى و "استمر" بالجلوس على الكرسي، ولا أحد يجلس على كرسينا.
لماذا ريال مدريد لا يشبه أي نادٍ آخر؟
حسنًا، هناك شيء ما في ريال مدريد، لن تجد مثله في مكان آخر، شيء لا أعرف كيف يوصف، ولكنني أعرف أنه موجود، ربما قوة ذهنية، ربما شخصية لاعبين اعتادت على مواجهة أي ظروف، ربما حافز يدفعك للأمام بمجرد أن ترتدي هذا القميص، ربما شيء من كل ذلك. لستُ أدري فعلًا، الأمر غريب ومعقد بالقدر نفسه، وكل المحاولات لتفسيره، هي محاولات لا تلمس الحقيقة كاملة.
يمكنك أن تكون ساذجاً لتعتقد أنَّ خطأ دوناروما هو الَّذي أنهى كل شيء، ولكن يكفيك أن تكون واقعيًا حتى تفهم أنَّ ذلك الخطأ كان لا بد منه، وأنَّ ريال مدريد لم يكن ليخضع بسهولة تامة، دون أن يحاول، دون أن يقاوم، دون أن يكون ريال مدريد.
مودريتش وهو يركض بقلبه بعد 70 دقيقة لعب دون أن يتمكن أحد من إيقافه، بنزيما وهو يواجه ثلاثي يخاف منه العالم ومع ذلك ينتصر، الشرارة بأعين فينيسيوس في كل مرة تخرج بها الكرة، ألابا وهو يحتفل كأنه يلعب في هذا النادي منذ 10 سنوات، شباب مثل رودريغو وكامافينغا وفالفيردي يقدمون أرواحهم على الأرض، هذه أشياء لا تجد منها في مكان آخر غير ريال مدريد.
ومهما حاولت أن تنكر، سيجعلك ريال مدريد دائمًا عند لحظةٍ ما، ترغب في الإعتراف أنَّ هذا النادي لا يشبه أي نادٍ أخر، تمامًا كالأمس.