والحمد لله لأن الرحمة من عنده وحده وليس من بني البشر.
والمؤمن الحقيقي صاحب الوجدان الحكيم يخجل وقت الموت والفقدان من إثارة الفتنة والشنآن، بل يحزن لكل مقتول بغير حق، لا سيما إن كان قتله في سبيل قضية شـريفة كرست المرحومة من أجلها عمرها نضالا ضد عدو مشترك بفضح جرائم احتلاله و وسقطاته البشعة في حق قضية إنسانية قبل ان تكون فلسطينية عربية مسيحية أو إسلامية، فكيف بربك؟ لا يرحمها رب العالمين!
الرحمة تجوز على كل شيء؟ |
الرحمة تشمل غير المسلم؟
هذه فتوى لابن باز رحمه الله:
هل تجوز الرحمة على مشهورين غير مسلمين؟
وكان النبي رحيما لغير المسلمين أيضا
وقد وصف الله تعالى النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) بأنه "رحمة للعالمين"، حيث قال في القرآن: "ولقد أرسلناك رحمة للعالمين". (القرآن، 21:107)
وهذا يعني أن صفة النبي الرحيم لم تقتصر على الأمة أو الأمة المسلمة فحسب، بل امتدت إلى غير المسلمين، على الرغم من أن بعضهم (غير المسلمين) بذلوا قصارى جهدهم للإضرار بالنبي ورسالته. وقد تجلت هذه الرحمة والمغفرة بوضوح في عدة حالات عندما كان النبي صلى الله عليه وسلم، على الرغم من أنه أتيحت له فرص للانتقام، لم يفعل ذلك أبدًا، وكان دائمًا يسامح حتى ألد أعدائه.
وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينتقم لنفسه من أحد قط. وقالت أيضًا إنه لا يقابل السيئة بالسيئة، بل يغفر ويصفح. وسيتضح هذا إن شاء الله بعد تحليل عميق للروايات التالية من حياته.
وقد سافر النبي صلى الله عليه وسلم في الجزء الأول من بعثته إلى مدينة الطائف، وهي مدينة تقع في الجبال القريبة من مكة، ليدعوهم إلى الإسلام. لكن زعماء الطائف كانوا فظين وغير مهذبين في معاملتهم للنبي صلى الله عليه وسلم. ولم يكتفوا بموقفهم المتهور تجاهه (صلى الله عليه وسلم)، بل شجعوا أبناء البلدة الجامحين على الإساءة إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) ومضايقته.
وتبع الرعاع النبي في الصراخ عليه وسبه ورمي الحجارة عليه، حتى اضطر إلى اللجوء إلى بستان. وهكذا كان على النبي صلى الله عليه وسلم أن يتحمل في الطائف من العقبات أكثر مما كان عليه في مكة. قام هؤلاء الأشرار المتمركزون على جانبي الطريق برشقه بالحجارة حتى أصيب بجروح بالغة وحذائه ملطخ بالدم. لقد أحزنت هذه المظالم النبي بشدة وأدخلته في حالة من الاكتئاب حتى أن الدعاء خرج من شفتيه تلقائيًا بسبب عجزه وحالته المزرية مستعينًا بالله: "اللهم إليك أشكو مشكلتي". الضعف ونقص الموارد والإذلال أمام هؤلاء الناس. أنت الرحمن الرحيم رب المستضعفين ومولاي. لمن سوف ترسلني؟ إلى شخص غريب يحمل سوء النية أو إلى عدو سلط علي؟ إن لم تجعل لي قيمة فلا أبالي، فإن نعمتك قد كثرت علي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت به الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن يحل علي غضبك، أو يحل علي سخطك. لا أحتاج إلا إلى رضاك ورضاك، لأنك وحدك تقدرني على فعل الخير وترك الشر. لا حول ولا قوة إلا بك.
ثم أرسل الرب ملك الجبال يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في أن يجمع بين الجبلين فيسحق مدينة الطائف التي كانت بينهما. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عظيم تسامحه ورحمته: لا! فإني أرجو أن يخرج الله من أصلابهم قوما يعبدون الله وحده لا يشركون به شيئا». (صحيح مسلم)
هل تجوز الرحمة على لاعبين غير مسلمين؟
وكانت رحمته ورأفته عظيمة حتى أن الله عاتبه عليها في أكثر من مناسبة. ومن أكبر المعارضين للإسلام وعدو شخصي هو عبد الله بن أبي زعيم المنافقين في المدينة المنورة. وأظهر الإسلام ظاهريا، وألحق ضررا كبيرا بالمسلمين ورسالة النبي صلى الله عليه وسلم. ولما علم النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) بحاله صلى عليه واستغفر الله له. ويذكر القرآن هذه الحادثة بهذه الكلمات: "ولا تصل على أحد منهم مات أبدًا ولا تقم على قبره". لو! كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون». (القرآن، 9:84)
عمل عبد الله بن أبي طوال حياته ضد النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) والإسلام، ولم يدخر جهدًا إلا ويقلبه لتشويه سمعته ومحاولة إفشال مهمته. فسحب أنصاره الثلاثمائة في غزوة أحد، فكاد أن يكسر عمود المسلمين بضربة واحدة. وقام بالمكائد وأعمال العداء ضد نبي الإسلام والمسلمين. وهو الذي حاول العار على النبي من خلال تحريض حلفاءه على اتهام زوجة النبي عائشة زوراً بالزنا من أجل تشويه سمعته ورسالته.
أحاديث تجيز الترحم على غير المسلم
- دخلَ أعرابيٌّ المسجدَ، والنَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ جالسٌ، فصلَّى فلمَّا فرغَ قالَ اللَّهمَّ ارحمني ومحمَّدًا ولا ترحمْ معنا أحدًا فالتفتَ إليهِ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ لقد تحجَّرتَ واسعًا فلم يلبثْ أن بالَ في المسجدِ فأسرعَ إليهِ النَّاسُ فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أهريقوا عليهِ سَجْلًا من ماءٍ أو دلوًا من ماءٍ ثمَّ قالَ إنَّما بُعثتُم ميسِّرينَ ولم تبعثوا معسِّرين
وتعالوا نعود إلى مرجعيتنا وساداتنا الأزهر الشريف ورأيهم.
الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء أكد، في فيديو له أن الترحم على غير المسلم جائز شرعاً، فالله عز وجل قال "وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ"، والإنسان أي كان دينه من تلك الأشياء التي يرحمها الله، واصفاً الحديث حول عدم الترحم على غير المسلم بـ"العبط"، قائلا: "الشيخ محمد الفحام شيخ الأزهر والإسلام ترحم على البابا كيرلس، فما يحدث من بلبلة من بقايا الفهم الخاطئ".
ودار الإفتاء المصرية قالت بالنص : لا مانع من اتباع جنازات غير المسلمين.
بدوره أكدت دار الإفتاء المصرية أنه لا مانع شرعا من حضور جنازات غير المسلمين من الأقارب أو الأصدقاء؛ قال الإمام النووي: لا يكره للمسلم اتباع جنازة قريبه غير المسلم، ونص عليه الشافعي في "مختصر المزني".
وبحسب فتاواها عبر موقعها الرسمي، فإن اتباع جنازة القريب ولو كان غير مسلم داخل في صلة الرحم المأمور بها شرعاً، وحسن المعاملة والعشرة ومكارم الأخلاق والوفاء وتذكر الجميل، لا سيما وأن حضور السائلة جنازة قريبها سيكون موقفاً يزيد من احترام الإسلام في نظر أقاربها.
وكذلك فإنه لا بأس بالتعزية؛ لأن ذلك من حسن المعاملة والقسط المشار إليه في قوله تعالى «لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين»
وتابع: "الإسلام لا يحب من المسلم أن يكون منعزلا عمن حوله، وإنما انتشر الإسلام بالمعاملة الحسنة ومشاركة الناس في أفراحهم وأحزانهم، ومد يد العون والمساعدة إليهم، والرحمة والشفقة عليهم".
الدكتور شوقي علام قال : المواطنة تفرض على المسلم حقوقا لمواطنيه منها التناصر والتآزر والتعاون والمواساة
بدوره، أكد الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية أن النبي بعث بحسن الخلق، وأرسله الله تعالى رحمة للعالمين؛ دون تفرقة بين جنس وجنس أو طائفة وأخرى، أو دين ودين، بل كان رحمة لكل البشر.
تابع، في فتوى له: "الأمر بحسن معاملة أهل الكتاب ورحمتهم يدخل في عموم الأمر بالرحمة وحسن الخلق، ويزداد تأكدا بما ورد في حقهم ونص عليه في شأنهم؛ من وجوب الإحسان إليهم، ومن أشمل صور حسن معاملتهم ورحمتهم: مواساتهم عند المصائب، وجبرهم عند الحاجة والضعف، ومن ذلك: حال المرض، وحال الوفاة، سواء كانوا من الأقارب أم من غير الأقارب".
وأما اتباع جنازتهم: فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: "مر بنا جنازة، فقام لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقمنا به، فقلنا: يا رسول الله، إنها جنازة يهودي، قال: «إذا رأيتم الجنازة فقوموا» متفق عليه، وعن سهل بن حنيف، وقيس بن سعد رضي الله عنهما قالا: إن النبي صلى الله عليه و آله وسلم مرت به جنازة فقام، فقيل له: إنها جنازة يهودي، فقال: «أليست نفساً» متفق عليه.
ونص الفقهاء من الحنفية والشافعية على جواز تشييع جنازة أهل الكتاب واتباعها؛ سواء كان المتوفى من الأقارب أو الجيران أو لم يكن كذلك.
وتابع: "المواطنة تفرض على المسلم حقوقا لمواطنيه؛ منها التناصر والتآزر والتعاون والمواساة ورد التحية والنصيحة وحسن الخلق والمعاملة بالمعروف، والدفاع عنه وعن حرماته وأمواله، وتشييع الجنائز من أعظم ما تحصل به المواساة ويتحقق به البر والرحمة والتخفيف عن أهل المتوفى في مصابهم، وذلك من حقوق الإنسان على أخيه الإنسان".
أرتقوا يرحمكم الله فمن أشر الناس من بغض دين الله إلي خلقه بما ليس فيه.